Wednesday, November 21, 2007


ذاكرة غانياتي الحزينات

هكذا دائماً يفاجئنا ماركيز، بطريقة اختياره لموضوع الرواية،ويجعلنا مشدودين من أهداب عيوننا نحو صفحات الكتاب حتى أصل إلى الكلمة الأخيرة من الرواية، أن ما فعله ماركيز في روايته الجديدة ((ذاكرة غانياتي الحزينات)) لم يخرج عن ماهو مستخدم في تقنيات السرد، بل إن في بساطة بنائها تكمن قدرة ماركيز على الروي،كما انه لم يتكلف ليضع روايته الجديدة في خانة التجريب أو أن يحاول تبيين مقدرته الروائية، كان ماركيز يحاول من خلال هذه البساطة أن يقول شيئاً، إذ عمد ماركيز على سرد الرواية بلسان بطلها، ((البطل)) الذي كان محايداً تماماً وكأنه يجلس على كرسي الاعتراف مما جعل ((ذاكرة غانياتي الحزينات)) تقفز إلى مصاف روايات ماركيز العظيمة، كـ: مئة عام من العزلة وخريف البطريرك ووقائع موت معلن.تحكي الرواية قصة رجل في التسعين من عمره فكر في لحظة كان يعدها آخر لحظات عمره أن يمنح روحه متعة أخيرة، اختار التوقيت لها في يوم عيد ميلاده التسعين، ولكن ينتقل مستوى السردفي تصاعد الأحداث لمعالجة حالة أخرى ، إنها حالة العثور على حبه الأول ، نعم حبه الأول وهو في التسعين من عمره، ومَن أحب؟ أحب فتاة مراهقة عذراء تعرف عليها وهي نائمة تحت تأثير الكحول.هكذا علاقة تذكرنا بـ(لوليتا) ولكن من نوع آخر، لوليتا نائمة، لوليتا لم تمارس الإغواء ، سوى إنها استسلمت لقدرها، عارية ، في محاولة منها لبيع بكارتها ، من اجل شراء بعض الدواء والطعام لوالدتها المقعدة وإخوتها الصغار.الحب بين تسعين عاماً وأربعة عشر ربيعاً نائماً، الحب بين غصن الآس وفحل التوث، بين وجه الحصان وبين (ديلغادينا) الفتاة النائمة.ماذا يرمز ماركيز بالفتاة النائمة؟ماذا يحاول أن يقول ماركيز عندما جعل بطله وهو يذكر لنا عن سجل أعدَّه لتسجيل أسماء من مارس معهن الجنس؟ أم أي سؤال كبير يطلقه ماركيز؟هل وصول الإنسان إلى سن معين يجعله قانطاً يائساً بانتظار الموت، هل هذا الانتظار المرير للموت يفرضه السن أم الظروف المحيطة التي تشير إلى كبار السن بأنهم عاجزين عن الاستمرار بالحياةانه حاول أن يقول: إن الحب غير الجنس،إن ما جناه فرويد ومريديه على هذه الكلمة جعلت الناس تنظر لها بريبة، إن فرويد حين أعاد كل عاطفة إلى الجنس وجعل الجنس هو مصدر كل عاطفة حدث هذا الخلط، وفي هذه الرواية يحاول ماركيز ان يفرّق بين الحب والرغبة الجنسية، ان بطل ماركيز يريد ((أن يحب))، فهاهو بعد اكثر من ثلاثة ارباع عمره اخذ لذته من اكثر من خمسة ألاف امرأة ولكنه لم يحصل على الحب، ولكن متى أتى هذا الحب، أتى وهو في سن يائس من الحياة ويتوقع أن يزوره الموت في أي لحظة


نقلا عن علاء خليل "